العفو الدولية: التدمير الإسرائيلي لغزة "جريمة حرب"

في تطور يمثل شهادة دولية تدعم الدعاوى القضائية
ضد مسئولين وقادة عسكريين إسرائيليين، قالت منظمة العفو الدولية: إن الجيش
الإسرائيلي قام بتدمير المنازل في غزة بشكل متعمد أثناء الحرب التي شنها على
القطاع، وقال متحدث باسم المنظمة: إن الأساليب التي استخدمت "تثير القلق حول
إمكانية اعتبارها جرائم حرب".


ودعم ما توصلت إليه المنظمة ما ذكره الناشط
الإسرائيلي يهودا شاؤول من أن العديد من عمليات الهدم جرت باستخدام الجرافات
والألغام دون أن يكون الجنود الإسرائيليون معرضين للخطر.


وقالت دوناتيلا روفيرا التي ترأست لجنة تقصي
الحقائق المرسلة من قبل منظمة العفو الدولية إلى جنوبي إسرائيل وقطاع غزة: إن
تدمير المنازل بهذه الطريقة تطلب مغادرة الجنود الإسرائيليين لمدرعاتهم؛ مما يعني
أنهم لم يكونوا عرضة لخطر مباشر، ولم يكن ذلك مبررا من الناحية العسكرية.


وأضافت روفيرا أن بقايا ألغام مضادة للدبابات عثر
عليها بقرب البنايات المدمرة؛ وهذا يثبت أن البنايات دمرت بتلك الألغام وليس من
الجو جراء قصف جوي، وقالت: إن التدمير العشوائي والمتعمد يعتبر "جريمة
حرب"، وإن هذا جزء من ممارسات عديدة لطرفي النزاع في العملية الأخيرة تخشى
العفو الدولية أنها قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب.


وزعم الجيش الإسرائيلي أن تدمير البنايات كان
لاعتبارات عسكرية، وأن الجيش التزم بالقانون الدولي أثناء العملية، ولكن استخدام
الألغام لتدمير المنازل يناقض هذا الادعاء، حسب ما ذكرته روفيرا.


وقال يهودا شاؤول المتحدث باسم منظمة
"اختراق الصمت" الإسرائيلية التي تجمع شهادات الجنود الإسرائيليين: إن
المنظمة توصلت إلى أن العديد من عمليات الهدم جرى باستخدام الجرافات والألغام دون
أن يكون الجنود معرضين لخطر، وبعد إحكام سيطرتهم على المنطقة، بحسب موقع هيئة
الإذاعة البريطانية.


وقد تحولت أحياء بأكملها إلى ركام في مناطق
دخلتها القوات البرية الإسرائيلية، وقالت روفيرا: إن "التدمير كان جائرا
ومتعمدا، وفقا لما توصلنا إليه".


ويتساءل المراقبون عما إذا كانت المحكمة الجنائية
الدولية ستحرك الدعاوى القضائية ضد جنرالات الجيش الإسرائيلي لارتكابهم جرائم حرب
في غزة، كما فعلت مع الرئيس عمر البشير الذي اتهمته بارتكاب جرائم حرب وإبادة في
دارفور، وأصدرت مذكرة لاعتقاله.


وانتقدت الدول العربية والإسلامية قرار اعتقال
البشير في وقت لم تتحرك فيه المحكمة حيال المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.


شمل البشر والحجر


وذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير
له أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى تدمير البنية التحتية لقطاعات الخدمة العامة،
والجمعيات، والممتلكات الخاصة، حتى إنها وصلت إلى المؤسسات الصحية، والتعليمية،
والرياضية، ومباني وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
"أونروا".


وذكر التقرير في تقديرات أولية لحجم الدمار في
قطاع غزة أن أكثر من 22 ألف مبنى تعرض للدمار الجزئي أو الكلي، وأن إجمالي الخسائر
الاقتصادية المباشرة في المباني والبنية التحتية، وخسائر الاقتصاد الوطني في قطاع
غزة بلغت أكثر من مليار وتسعمائة مليون دولار.


وأضاف أن "العدوان شمل البشر والحجر،
والقطاعات الاقتصادية، وجميع الفعاليات العامة، والممتلكات الخاصة، وقد تم حصر
الخسائر في ثلاثة قطاعات رئيسية هي: البنية التحتية والمباني، والأنشطة
الاقتصادية، والخسائر البشرية".


وفيما يتعلق بالخسائر في البنية التحتية
والمباني، أشار التقرير إلى أن عدد المباني والمنشآت في قطاع غزة بلغ 147.437 ألف
مبنى، وتبين التقديرات الأولية أن العملية الإسرائيلية أدت حتى نهاية يوم 17 يناير
الماضي إلى إلحاق الأضرار بحوالي 14% من هذه المباني والمنشآت.


وأوضح التقرير أن عدد المنازل السكنية المدمرة
يقدر بحوالي 4100 دمرت بشكل كلي و17000 بشكل جزئي، بالإضافة إلى تدمير 20 مسجدا،
و25 مبنى للمدارس والجامعات والمستشفيات، و31 مقرا أمنيا ومجمعا للوزارات، و16
مبنى للوزارات، وجسرين، وخمسة مقرات بلديات وهيئات محلية وملاعب، ومقرات تابعة لوكالة
"الأونروا".


وأسفرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واستمرت
22 يوما عن استشهاد 1400 فلسطيني، وإصابة حوالي 5450 آخرين، أكثر من نصفهم من
النساء والأطفال.